عندما نسمع اسم بعلبك، أول ما يرد إلى ذهننا هو معابد بعلبك الاثرية، تلك الهياكل الرائعة، ذات الحجارة الضخمة، المشهورة عالمياً، المدرجة ضمن لائحة مواقع التراث العالمي (الاونيسكو). ولكن، هذا لا يفي مدينة بعلبك حقّها، إذ إنّها غنيّة أيضاً بمعابد عدّة، ومقامات ودور عبادة مهمة وتراثية، وتحوي أيضاً على بيوت وأسواق قديمة، ناهيك بالفنادق وبيوت الضيافة الحديثة وسُفرتها وصفيحتها البعلبكية التي لا يُعلى عليها. وكنت قد زرتها في كل المواسم، آخرها كان الاسبوع الفائت بعد زيارة مزار سيدة بشوات، وقبلها في الربيع حين مشيتها (hiking).
مدينة بعلبك هي مركز محافظة بعلبك-الهرمل وقضاء بعلبك، أحد أقضية محافظة البقاع الخمسة وأكبرها في لبنان. تبعد عن بيروت 88 كلم تقريباً، وعلى معدل ارتفاع 1170 متراً عن سطح البحر. وتمتد أراضي القضاء شمال سهل البقاع بين سلسلتي جبال لبنان الغربية والشرقية، ويمر بها نهر الليطاني حيث تتمركز الحياة والزراعة على ضفافه، وتبقى المساحات الأخرى شبه جرداء ومعروفة بـ”جرود بعلبك”. يحدّها من الشمال والشرق سوريا، ومن الجنوب قضاء زحلة، ومن الغرب قضاء الهرمل.
وبسبب موقع المدينة الاستراتيجي قديماً والذي شكّل نقطة استراحة للقوافل بين ساحل البحر المتوسط ومدن الداخل وسوريا، كانت من بين أهم المراكز التجارية وتطورت مع الحضارات لتصبح محطة تاريخية تراثية ذات ميزة خاصة لاحتوائها على أضخم المعابد الرومانية، وهي من جذور فينيقية متأثرة بالحقبة الإسلامية في بعض جوانبها.
وبعلبك هي أصلاً مدينة فينيقية مذكورة في التوراة بـ “بعلبق”. ويكتب أنيس فريحة أنه اسم ساميّ مُركّب من “بعل” أي ربّ، مالك، ومن “بق” أي البقاع. ومع الرومان سُمّيت “هليوبوليس” أي “مدينة الشمس”، ومع قدوم العرب أصبح اسمها “بعلبك” وسمّوا هيكلها بالقلعة.
وكعادتي في كل جولاتي في ربوعنا، لا بد أن أستكشف المنطقة من خلال مشي (#hiking) جبالها وأراضيها، ومن ثم التجول كسائحة لرؤية أكثر أوجهها، ونقلها لكم عبر حساباتي ومقالاتي، لعلها تحفزكم على زيارتها لتمضية نهار مشوق، وهكذا نكون قد دعمنا سكانها للبقاء في الأرض من دون أن ندري.
وهنا بعض ما التقطته من جمال الاسبوع الفائت، وفي فصل الربيع الذي كان كغير عادته امتداداً لفصل الشتاء في هذه السنة ببرودة طقسه، فامتزجت ثلوج القمم بزهور الارض في صورة واحدة لتزيد على الجمال جمالاً.
وبالكزدرة في شوارعها تلتقي بيوتا قديمة ومنها مهجورة تخبر عن تاريخ عريق وقصص منسية كبيت شاعر الأقطار العربية خليل مطران وغيرها, كما ترون هنا في هذه اللقطات.
بالاضافة الى بيوت حديثة، منها الواقع على مجرى النهر، ومنها ينعم بفيء الأشجار، وكان قد أعيد تجديد بحيرة رأس العين السنة الفائتة.
ولا بد من المرور بالأسواق القديمة وما تحويه من بضائع تقليدية، وبعض المطاعم ذات اللمسة الخاصة، ومساجد عدة ذات فنّ معماري متنوع وجميل، ومقام السيدة خولة المشهور والمقصود، بالإضافة الى بركة البياضة التي ما تزال تحوي أجزاء عواميد وحجارة من مخلّفات معبد روماني مرتبط بطقوس المياه.
ومن أروع المقامات القريبة من هياكل بعلبك هو الجامع الاموي الذي يعود تاريخ بنائه إلى العهد الأموي وقد رُمّم في عصرنا هذا بعد أن كان بقايا بناء أثري كما نرى في صور صفحة أرشيف بعلبك.
والجدير بالذكر هنا وجود أرضية معبد روماني على بعد 6 كلم من هياكل بعلبك ذات حجارة ضخمة كأحجارها، ويُعرف بـ”الحصن” ولكنه في الحقيقة أساسات لمعبد روماني لم يُكتمل ومهمل، كما عرفت من زميلة متخصصة في علم الآثار.
لا يمكن أن أعطي مدينة بعلبك حقها مهما استرسلت وعرضت من صور نظراً لغناها التاريخي، ولكن ما قدّمته حتى الان كفيل لتغطية نهار جميل… ويبقى من الضروري زيارة مقلع قديم للحجارة وقريب من هياكل بعلبك.
يُطلق على هذا المقلع الروماني اسم “حجر الحبلى”، وهو أكبر حجر منحوت في العالم ويقدر وزنه بألف طن.
أما هياكل بعلبك فهي غنية عن الوصف وعن ذكر تاريخها القديم ورهبة آثارها وشهرة مهرجاناتها السنوية، وهنا، أودّعكم بصورها حتى لقائنا المقبل… ولا تنسوا متابعة جولاتي ومقالاتي على حساباتي المذكورة أدناه
ويمكنكم مراجعة المقالات عن كافة المناطق على هذا الموقع Travelling Lebanon Blog
Instagram @ nidal.majdalani
facebook @ Travelling Lebanon @ Nidal Majdalani
Twitter @ Nidal Majdalani
nidal.majdalani@gmail.com
وقد نشر المقال على موقع النهار
https://www.annahar.com/article/1015194-
All rights reserved Nidal Majdalani 31/8/19